تفاصيل المقال

الازمة الفنزويلية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية
كتبه : محمد سلمان
2018/01/20
في ظل الأزمة المالية العالمية التي يعيشها الإقتصاد العالمية منذ 2008 والكثير من الدول في عالمنا تعيش أزمات متفرعة من المشكلة الأم، كان آخرها تراجع الطلب على النفط وكثرة المعروض للبيع في السوق وهو ما حطم الأسعار المرتفعة ليصل سعر البرميل إلى أرخص الأسعار الممكنة

بالنسبة للدول التي تعتمد على النفط بدرجة كبيرة فهي حاليا تعيش وقتا عصيبا جدا وتتسابق مع الوقت لتنويع اقتصاداتها والكف عن جمع بيضها كلها في سلة واحدة مهددة بالسقوط وبالتالي الإنهيار الحتمي.

فنزويلا هي واحدة من هذه الدول والتي تعتمد بنسبة تجاوزت 90 في المئة على عائدات النفط وكانت تعيش وقتا جيدا للغاية عندما كان سعر البرميل قد وصل إلى 100 دولار وتجاوزه أيضا أحيانا.

والآن البلد اللاتيني أضحى على شفا حفرة من الإنهيار ويعيش حالة من التوتر السياسي نتيجة الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية المتردية.

السبب الأساسي للأزمة هو تراجع أسعار النفط

الدول المنتجة للنفط والتي تعتبرها السلعة الأساسية ضمن صادراتها غاضبة جدا من تراجع أسعار هذه المادية الحيوية، ليس لأن العالم وجد بديلا لهذه الطاقة بشكل أساسي بل لسببين الأول هو أن العرض أكثر من الطلب وكل دول أوبك متمسكة بالعدد اليومي من الصادرات، فيما الخلافات وحدة التنافس كبير للغاية بين المنتجين، والسبب الثاني تباطؤ الاقتصادي العالمي ضمن تداعيات أزمة 2008 والذي أثر خلال الأشهر الأخيرة بشكل سلبي على واردات الصين والولايات المتحدة الأمريكية والقوى التي تستورد هذه المادة وتعد محركا لعملياتها الصناعية أيضا.

منذ وقت متأخر من 2014 وفنزويلا تعاني مع انهيار أسهم النفط، وقفز معدل التضخم في البلاد إلى 141 في المئة خلال سبتمبر 2015.

ومن المعلوم للمراقبين أن كراكاس تتعمد اخفاء البيانات الحقيقية لحجم الأضرار التي لحقت باقتصادها خوفا من التأثير السلبي على الرأي العام وأيضا تصنيفها الاقتصادي وبالتالي صعوبة الحصول على قروض من البنك الدولي.

الخاسر الأكبر من الهبوط الحاد لأسعار النفط هي فنزويلا التي ظلت تعتمد على تصديره بشكل أساسي سواء في الحصول على عائدات جيدة أو العملة الصعبة وبالتالي تمويل عمليات الاقتصاد واستيراد الأغدية والمواد اللازمة.

انهيار العملة المحلية وقلة العملة الصعبة

بسبب انخفاض العملة الصعبة بشكل حاد انهار العملة المحلية “بوليفار” فبعد ما كانت قيمة الدولار 175 بوليفارا تعدت قيمته حاليا 865 بوليفارا ما يعني أنه لبيع كل وحدة من العملة الفنزويلية ستحصل مقابلها على 0.00010 سنت.

بالطبع جاء هذا نتيجة تراجع العملة الصعبة التي تحصل عليها الدولة اللاتينية بسبب تراجع أسعار النفط وهذا سبب أيضا أزمة أخرى تحدث الآن هي أزمة الغداء.

اندلاع أزمة الغداء

مع الانهيار التام لعملة فنزويلا أضحت أسعار السلع المستوردة باهظة جدا وقفزت الأثمان إلى مستويات خطيرة تضرر منها فئة الفقراء والطبقة المتوسطة المهددة بالفقر.

الحليب والدقيق والبيض والمواد الأساسية تضررت أسعارها بشكل كبير للغاية بل وأصبح استيرادها صعبا على الحكومة والتجار الكبار أيضا ما جعلها قليلة في السوق.

ونجد أن مطاعم “ماكدونالدز” مثلا تضررت من هذه الأزمة حيث عجزت عن الحصول على كميات جيدة من البطاطا واتجهت أيضا لزيادة اسعار منتجاتها.

هذا بالطبع ولد لدى أغلبية الشعب الفنزويلي غضبا كبيرا من سياسات الحكومة للتعاطي مع الأزمة وأيضا اعتمادها المستمر على النفط وهو خطأ فادح.

بوادر ثورة الجياع والإضطرابات السياسية

سيطرة المعارضة على البرلمان بنسبة 65 في المئة في الانتخابات البرلمانية وما جعل الحزب الحاكم في ورطة حقيقية والذي ينظر إلى الأزمة الحالية على أنها متعمدة وأن انخفاض أسعار النفط هي بهدف تغيير الحكم هنا ولا يستبعد ذلك خصوصا وأن جزء من لعبة تراجع أسعار النفط هو من دول تتعمد زيادة انتاجها للإضرار بالجميع والدخول في معركة يفوز فيها من يصبر كثيرا وتخسر الدولة النفطية التي تسقط أولا.

ومؤخرا رأينا احتجاجات في فنزويلا تطالب بسقوط الحكومة الحالية والذهاب نحو انتخابات عاجلة من أجل تدارك الأزمة الطاحنة التي تخنق اقتصاد البلاد.

وأصبح الحزب الحاكم هناك قاب قوسين أو أدنى من خسارة السلطة بسبب الأزمة الإقتصادية التي لم يتوقعها القائمون على الحكم.

خلاصة المقال

قصة بدأت من انهيار أسعار النفط إلى إنهيار سعر العملة المحلية وغلاء المواد الأساسية إلى عجر توفيرها وندرتها في السوق واندلاع أزمة الغداء وتراكم الديون التي يجب أن تسدد منها فنزويلا 10 مليارات دولار بحلول نوفمبر هذا العام إلى شبح انهيار الاقتصاد واندلاع ثورة اسقاط الحكومة والحزب الحاكم الذي خسر في الانتخابات البرلمانية وسيخسر الرئاسية أيضا.